الأحد، 9 ديسمبر 2012

من - مجموعتي القصصية الاولى

 
 1- الاطراف المتكلمة
طرقتُ الباب ثم دخلت بهدوء،كان منزله كماتركته قبل اسابيع قطع أثاث متناثرة في كل الزوايا،وسط كل غرفة تقريبا،يوجد قطع أثاث مركومة بطريقة هرمية أخذت انادي عليه رافعا صوتي بطريقة متدرجة(رغم علمي أنه لن يستجيب إلا بعد النداءات المرتفعة)،توقفت فجأة أمام غرفة الجلوس،فقد سمعتُ صوتا هامسا ضعيفا(يشبه صوته لكنه ليس هو بالتأكيد فقد بدى صغيرا وغريبا)،انسللت بهدوء نحو مصدر الصوت،فجأة رأيت ذراعه تلوح لي وسط الظلام!
بادرت بإشعال النور(لم يكن يحب الضوء)،وكانت الصدمة المريعة!!
نعم لقد كانت ذراعه باوشامها الغريبة،لكنها ظهرت تلوّح في الهواء مفصولة بلا جسد .
انتابتني تلك الحالة التي تحاول فيها تعطيل حواسك(بمافيها العقل)،لتتولى زمام الأمور،محاولا اعتبار الأمر مجرد مزحة أو خدعة بصرية،قالت الذراع : لا استطيع أن اشاهدك فلا أملك عينين كما ترى، لكن استطيع تخمين مظهرك الفزع (واطلقت الذراع ضحكة خفيفة)،
تمالكت نفسي وأجبت بهدوء،إذا لم توقف هذه المزحة السخيفة فسأغادر على الفور،بل سأغادر فورا،وخرجت مسرعا دون أن أغلق الباب،ركضت نحو الداخل،تعثرت وسقطت على بطني كاتما صرخة متأوهه أعتذر لم انتبه لك(خرج كصوت خافت تحتي)،تدحرجت بارتباك،كان هذا الصوت صادرا من الشئ الذي تعثرت به واكمل قائلا :(فأنا لا أملك عينين كما ترى)
كانت قدم صاحبي اليسرى هي المتحدثة،قمت مفزوعا(لابد أني أعيش حلما) واصلت الركض إلى الداخل،أقتحمت غرفة المكتب(حيث يقضى معظم وقته)،وكان هناك هو! لكنه كان مجرد رأس ذلك الرأس الذي اعرف تفاصيله جيدا .
ضحك قائلاً(لا ترتعب فأنا أملك عينين كما ترى)،وبمناسبة مظهرك الخائف لايشبهك ابداً
سأمهلك ثلاث ثواني لتشرح لي،هكذا قلت له متصنعا قدرا كبيرا من التماسك،
الأمر ليس معقداً(ثم أكمل قائلا)،ظللت أفكر طوال الليل وأجوب الغرف واتعثر بقطع الأثاث،لقد كنت غارقا في التفكير مشتتا بدأت أحاول تفكيك المسألة إلى اجزاء صغيرة لكن كما يبدو حصل خطأ ما لتتفكك أجزاء جسدي دون أن أشعرحتى وصلت المكتب كما ترى،فجأة لمحت طرف زجاجة المشروب الفاخر السوداء على الطاولة،واتضح لي الأمر:(أنها نفس زجاجة العصيرالتي شربتها عند المدخل)
 
2-  الكتاب رقم 8
كان هذا رابع بريد أستلمته هذا الصباح يستعجلني الحضور لإستلام الكتب التي طلبتها، قررت المرور على مستودع الكتب مبكرا تخلصاً من الإلحاح الغريب تناولت الكتب على عجل، دون تفحصها أو حتى عدّها .
بادرت حين دخولي مكتبتي لرصها داخل رف الكتب (غير المقروءة)، وخرجت لإحضار الجريدة، عند عودتي لاحظت شيئا غريبا!كانت الكتب مرصوصة بشدّة تجاه زاوية الرف، فيما يقبع كتاب وحيد تجاه الزاوية المقابلة (كيف أقتحمت الخادمة المكتبة بهذه السرعة؟!) تسائلت ؟؟
اعدت ترتيب ورص الكتب بشكل عمودي، واستغرقت في قراءة الجريدة كان خبرتعيين الشاب الذي عرفته صغيرا(عادل الطريفي)لرئاسة التحرير يشعل ذاكرتي وغرقت في لجة التطورات المصرية، رفعت رأسي لأخذ نفس عميق قبل الغوص مرة آخرى في بحر الأخبار المتلاحقة، لكن بصري تجمد على منظر لم اعد بعده لهذه الغوصة  كان الكتاب الضخم يقبع مرة آخرى وحيدا في الزاوية، وبقية الكتب في الزاوية الآخرى، لكنها هذه المرة تكومت بشكل عنيف، أثار الأمر استغرابي!
قفزت من مقعدي لأعيد صف الكتب،وضعت يدي على رأسي محاولا تحليل مايحدث؟!هنا يقف الكتاب العتيق بشموخ عمود روماني وفي الزاوية المقابلة تتكوم بقية الكتب،لكن عدد الكتب المتكومة هو٧وهو عدد الكتب التي طلبتها من بيروت؟ وهذا الكتاب الضخم الثامن؟! يبدو أن هناك خطأ ما، قررت رصف الكتب بطريقة أفقية جاعلا الكتاب الضخم في أسفلها، وخرجت كي أتصل بمستودع الكتب للتأكد من عدم وجود خطأ، كان الرقم مشغولاً، وحين عدتُ على المكتبة وجدت الكتب قد تناثرت في كل اتجاه وكأنما قذف بها بركان غاضب، بينما يقبع الكتاب الضخم في مكانه بكل هدوء، لملمت الكتب المتناثرة مذهولاً، وضعتها في رف بعيد حملت الكتاب الضخم، و وضعته بجاوري على الطاولة، (هناك تصرف يخفيه عشاق الكتب عن الناس ويعتبرونه من الأسرار وهو:استنشاق رائحة الكتب-خاصة القديمة فلكل كتاب رائحة تميزه،بل أنك تستطيع التقاط الكتاب الذي تريده في الظلام،عبر رائحته المميزة) والكتب القديمة كانت اوراقها تصنع من أشجارالغابات المطيرة) ،ولهذا كان أول مافعلته هو محاولة استنشاق رائحة الكتاب، لكن لم تكن هناك حاجة لذلك فقد كانت رائحته نافذة بشكل ملفت كرائحة السنديان شعرت بدوار غريب (كانت الرائحة قوية)، ايقظني رنين جرس الهاتف من بعيد،هرعت للرد على الهاتف، كان بائع الكتب على الطرف الآخرمن الخط، كان صوته مرتبكا : ما باعرف ياسيدي والله مابعرف، أرجوك أنا مجرد بائع سئ الحظ! ردد البائع هذه الكلمات بانفاس متقطعة حين سألته عن الكتاب الضخم الثامن!
ربما قررت  السماء أن تمطر كتبا هذه المرة بدل الذهب الذي لم تمطره يوما (هكذا قلت في نفسي) ، طيب طيب مو مشكلة، وأغلقت سماعة الهاتف، وعدت إلى مكتبي وإلى الكتاب الضخم .
انتابني إحساس أن الكتاب أزداد حجمه قليلا، تناولت الجريدة مرة أخرى فقد توقفت عند منتصف خبر مثير المفاجأة أن صفحة الخبر كانت مفقودة! هذا يوم غريب! وهذامايجب أن يحدث حينما تقضي ليلتك على السرير تقرأ لديكارت، قررت الخروج لتناول بعض الشطائر، لكن ماذا أفعل بهذا الكتاب؟! سألقي به في صندوق الكتب التي انوى بيعها، لأن هذا على الأغلب مصير الزائر الفضولي.
 قذفت به داخل الصندوق (لقد كنت متأكدا هذه المرة أن وزنه قدإزداد)، وخرجت لتناول الشطائر، رن جرس الهاتف مرة آخرى كان مستودع الكتب مرة أخرى، لكنه كان موظفا آخر يسأل عن كتاب زائد ارسل، أخيراً سأتخلص من الكتاب الزائد، لكن الموظف فاجأني بقوله،لقد أرسلنا لك تسعة كتب!!
عفوا،أنها ثمانية كتب هكذا أجبته
أجاب:استاذي أنا متأكد أنها تسعة كتب من الحجم المتوسط،
أجبته بغضب: سبعة كتب من الحجم المتوسط وكتاب ضخمٌ ثامن بحجم جمجمتك،أغلقت سماعة الهاتف وعدت الى المكتبة وقد قررت أن اذهب فورا لبيع الكتاب الضخم، فتحت الصندوق، وكانت المفاجأة!!
لقد كان الكتاب الضخم وحيداً وقد تغيرلونه قليلاً وازاد حجمه جدا، حتى اصبح بربع حجم الصندوق!!
مالذي يحدث بحق الجحيم! رن الجرس مرة أخرى، لكنه كان جرس باب المنزل هذه المرة! ماذا الآن ايضا؟ كنت متوترا واشعر بغضب، فتحت باب المنزل لأجد بائع الكتب أمامي جاحظ العينين وهو يرتجف، أحذر يا سيدي أحذر أنه كتاب لعين يلتهم الكتب ويبتلع الأوراق وقد ابتلع هذا أيضا ورفع يده اليمنى بثلاثة أصابع فقط  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق