الاثنين، 8 أبريل 2013

معزوفة - 10



1- كتاب جيمس واتسون(اللولب المزدوج)وكنت قد قرأته باللغة الإنجليزية واعجبني غاية،وهو يحكي بطريقة بسيطة قصة اكتشافه  لأحد أعظم مكتشفات القرن(الحمض النووي)،الرائع في هذا الكتاب حضور مفهوم الجمال،رغم انه اكتشاف علمي محض،ففي احد المواضع يقول جيمس: حينما التقينا على الطاولة،اتفقنا على أن شيئا بهذا الجمال يجب أن يكون حقيقيا(شكل الحمض)،بالنسبة للترجمة فلم اتصفحها بعدُ.


2- الترجمة الدقيقة تتضمن أكثر من المعرفة اللغوية،وسبق أن ذكرتُ أن يستحيل إطلاقا ترجمة فكرة من لغة إلى آخرى بنفس المعنى والسياق وأن غاية مافي الترجمة هو تقريب الصورة لاستحالة مطابقتها،وعلاقة(اللغة بالفكر)،سأطرحُ مثالا صغيراً على هذا،مرت علي ترجمة لكلمة الكسندر كوريريه الروسي(نزيل فرنسا)وكتب اغلب كتبه باللغة الفرنسية حيث أشهر عبارة متعلقة بعصر النهضة قال فيها: انتقل الإنسان من العالم المنغلق إلى الكون اللامحدود أو اللامتناهي.ترجمت بعدة لغات إلى هذه:من العالم المنغلق إلى الكون المفتوح! هذه الترجمة تلغى المعنى تماما وتهدمه لماذا؟ لأن عبارة(اللامتناهي)،عبارة لاهوتية تشير إلى الاله أو الطبيعة،ونقطة الكسندر هي اكتساب الإنسان نفحة إلهية،وكسر عصر النهضة لمفهوم ديني معين.


3- إن كان هناك شيئا يستحق الفخر هنا فهو أنني اتمنى أن أكون قدنجحت في نشر الفن وبث الجمال بطريقة مختلفة إلى الكثير من القلوب والدور،طالما كان الفن قيمة مهدرة،وشكلا مهزوزا وعبثاً صوريا،لدى الكثير،ومجرد مهارة يدوية وقدرة في التلاعب بالصور،لدى بعض النخب والمختصين،لكن الحاصل أن الفن أعمق وأكبر وأخطر من هذا كله أنه روح الجمال،تلك الروح التي تضمن لنا البقاء ضمن كياننا البشري الذي طالما تميز بروح ربانية،نفخها الله فينا،تميزنا وترفعنا عن بقية الكائنات صحيح أنني لم اعيد في حياتي بث تغريدة ثناء وربما فاتني كثيرا الرد على بعض الرائعين،لكنني كل كلمة كانت تهبني روحا جديدة،تلك الصور التي تصلني من كثير من المنازل في السعودية التي علقت فيها بعض اللوحات التي نشرت،تلك الحلقات الفنية التي عقدت في الكويت ودبي والمغرب،ذلك الإهتمام بالمتاحف والأحداث الفنية والحرص على زياراتها والتقاط صور اللوحات،كل هذا كان يؤثر فيني جدا ويبعث الفخر،الزاوية الجديدة التى بات ينظر اليها الكثير تجاه الفن والجمال،كل هذا يصعب أن يعبرك دون أن يحدث إثرا عميقا في حياتك،وإن كان هناك من يستحق الثناء والمجد،فليس بالتأكيد أنا بل أنتم .


4- روسو عرّاب الثورة الفرنسية ليس أديباً محضا،لكن الحب صنع منه ذلك،اتأمل في اعترافاته ووصفه لعواطفه حين ينتظر تلك القُبلة(التحية)من مدام دودتو. كتب روسو في كتابه العظيم عن التربية(أميل وصوفيا):ينبغي ألا يقترن الرجل الذي يفكر بزوجة لا تستطيع مشاطرته أفكاره.روسو يتحدث عن الأفكار المتعلقة بالحياة والإيمان بها،بغض النظر عن الجانب الإبداعي،لأنه عانى من زوجته أظن أن زوجة روسو هي من تستحق الوسام على صبرها عليه وعلى تقلباته المزاجيه الحادة بل حتى خياناته،ورسائلها إلى طبيبها مؤلمة .


5- كنت أسير مفرداً أحمل أفكاري معي
و منطقي ومسمعي فازدحمت من حولي الوجوه
وقال زعيمهم :خذوه
سألتهم : ما تهمتي؟
فقيل لي :تجمع مشبوه!
-أحمد مطر-


6- مايدهشنا حين الغوص في قاع المحيط،هو السكون والصمت الذي نغرق فيه،لكن وعبر السونار سمعنا أصوات ساكنيه،لنكتشف أنه أكثر زوايا الكون ضجيجا وصراخا وهذا يخبرنا،أن محاولة أكتشاف حقائق الأشياء ليست بقدر أهمية الإستمتاع بها. فالصمت هو أجمل أصوات الكون التي يمكن أن ينحاز قلبك اليها.


7- في رواية البؤساء لهوجو،المجلد الرابع من ترجمة بعلبكي،يفصّل هوجو المذهب الأدبي الذي يعتبر من أبرز مؤسسيه(على الأقل في فرنسا)،أدب الأعماق  لغة المشردين مشاعر المجرمين عواطف السرّاق والمارقين،وهذه من فرائد هوجو،أي إقحام النقد الأدبي في صلب الرواية،كما يفعل بالسياسي والمالي والفلسفي حتى،في طريقة شعرية فريدة،ولهذا انت البؤساء ملحمة ليست أدبية فحسب بل إنسانية،مَعلمٌ يضاهي عِمارة نوتردام التي شغفت هوجو حباً...شخصية فالجان محورية وموجودة في كل الرواية عدا بضعة فصول،فالجان هو أبو البائسين في الرواية.


8- هوجو:العقول المفكرة،لاتعترف بتقسيم الناس إلى: سعداء وأشقياء،ففي هذا العالم لايوجد سعداء قط،يوجد صنفين: أناسٌ مشرقين ومظلمين.. وزيادة أعداد المشرقين على حساب المظلمين هو الغاية،ويتم ذلك بنشر العلم والمعرفة،إن التعليم يشبه إضرام النار والضياء،فكل حرف يطلق شرارة لكن النور لايعنى البهجة بالضرورة،فالمرء يتألم في الضياء،إن شدته تحرق،ومن هنا كانت العبقرية أن يحترق جناحك دون أن تكف عن الطيران.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق