1- نيتشة كان رقيق يتلبسه كبرياء،شوف مذكرات سالومي(عشيقته)التي كتبتها عنه:) احب نيتشة سالومي فسألته إلى اي حد تحبني فأجاب:حدالألم!قالت كيف؟فأحضرعود ثقاب واشعله على يده وهو ينظر الى وجهها،دون ان يتحرك حتى احترقت يده. لكنها رغم كل هذا تركته وتزوجت صديقه الموسيقار الشهير ڤاغنر،ولهذا نشأت بينهما عداوة خلدها نيتشة في رسائله بعد الصداقة الحميمة. نيتشة ارسل إلى ڤاغنر لما تزوج حبيبته سالومي:دخل طائر سماء غرامي واختطف المخلوق الذي أحببت،لكن ذلك الطائر لم يكن نسرا وفي هذا عزائي.
2- أعشق النصوص البورخيسية(إلى الكاتب بورخيس)مليئة بالألتواءات والمتاهات،يمكنك أن تعبر من خلال النص إلى طريق،وحين تقرأه ثانية يقودك الى طريق آخر يعتبر النص عادة طريق إلى ماوراء النص من مفاهيم وتمثلات،لكن نصوص بورخيس هي مفترق طرق،بوابة سحرية إلى عوالم تتبدل كل مساء .
3- حينما وصلت في رواية البؤساء إلى المقطع الذي وضع جان فالجان قدمه فيه على ليرة الصبي،توقفت لتسعة أشهر وأنا اعيد قرأته وأصبحتُ عاجزا عن تجاوزه يتكرر الأمر لكن هذه المرة مع البير كامي في الإنسان الأول،حينما يقف الأبن ذو الخامسة والأربعين أمام قبر ابيه الذي توفى في العشرينات من عمره يقف الأبن المسن أمام قبر ابيه الذي ،رقد فيه شابا صغيرا،لكنه يحنو على أبيه بشفقة الكبار على الصغار،لقد صار الأبن أكبر سنا من ابيه .
4- كانت الكلمة سرٌ مقدس،كان الحرف يختزل المعرفة،لم يكن العارف بالقراءة أقل غموضا من كاهن متصل بالرب،كلاهما متصلٌ بقوى خفية،ولهذا في عند بعض الطوائف اليهودية القديمة،كان الحرف يعتبر كائنا حيا،ولهذا يتم تكفينه بالبياض ويدفن عند الرغبة في اتلافه،كالجنس البشري،ولهذا أيضا فأول كلمة في الأنجيل كانت(في البدء كانت الكلمة) والتي أبدع غوتة في فاوست،حينما كان يريد المحامي ترجمتها(في البدء كانت الأرادة) ثم إلى (كان الفعل) الفعل قرين الكلمة ويخرج من رحمها،ذكر عبدالرحمن بدوي في مذكراته،أن عبدالناصر قال كان كتاب نيتشة الذي ترجمته(الارادة) محرك الضباط الأحرار كذلك كانت الثورة في الفرنسية بعض ثمرات كلمات وأشعار فولتير وروسو ومونتسكيو،وفي الأدب الروسي القديم،هناك ترنيمة شعرية تقول:أن رجلا اراد بناء قارب من الكلمات وحين أوشك أن يتمه نقصته كلمة واحدة، فسافر في طلبها أقول هذا وأنا اتأمل في هذا العصر العاصف بالقراء والكلمات.
5- غريب أن يرسخ فينا تويتر مذهب نيتشة في المعرفة (الشذرات)الذي تنبئ به،يقول في كتابه(إنساني مفرط الإنسانية):لتحفظني السماءمن الإنساق الكتابية ممططة النسيج،ولو كان أفلاطون يجد متعة أقل في نسج المطولات،لوجد القراء متعة أكثر في قراءة أفلاطون ...ويقول نيتشة ايضا:امثل في الشذرات المعلم الأول،وطموحي أن أقول في عشر جمل مالايقوله غيري في كتاب كامل،بل مالايقوله غيري في كتاب(أفول الأصنام)
6- أروع التجارب التي مرت علي هي حينما أوشك ان افقد حياتي ، طعم النجاة غريييييب ولذيذ ولا ابالغ ان قلت انك تشعر كأنك تحيا حياة جديدة في جسد جديد تخيل حينما تتسلق الجبل الشاهق ثم تستريح على طرف صخرة مستلقيا وما أن تغادرها حتى تهوي الصخرة كم كان هذا وشيكا ؟ او تقفز من الطائرة ولا تفتح مظلتك وانت تقترب من الارض بسرعة عظيمة وتفاصيل الارض تقترب منك وتنطق الشهادة وفجأة تفتح المظلة في آخر ثانية وتنطلق الى الاعلى بسرعة هائلة كأنما يجرك الي الاعلى وحش جبار وتشعر ان احشائك ترتفع الى اعلى جسدك وفجأة تستقر بين السماء والارض وتتهادى بسكينة الى الارض .
7- لأن الإنسان كائنٌ ثلاثي الأبعاد كما قرّر هايدغر،فإن الوعى بالمستقبل مرتبطٌ بالوعى بالماضي،والماضى بئرٌ عميقة بلا قرار كما قال توماس مان في يوسف وأخوته، حين جرب الهبوط إلى جهنم (الغوص في الماضى) ، يظن الكثير أن الحديث في المستقبل بلا حدود لأنه استمطارٌ لعالم الخيال غيرالمحدود بخلاف الحديث عن الماضى الذي ربما يكون محدودا بأحداث وقعت، هذا غير صحيح ،الماضى بلا غور وبلا حدود, الماضى بحرٌ آخر من الخيال ولا يمكننا أن نجزم أيهما هو أنعكاس للآخر (مرآة) الماضى أم المستقبل؟!
إعتمادا على هذه المقدمة يمكنك أن تشرّع رحلتك إلى ماضيك بشرط أن لا تكون قاصرة على عقلك من ذكريات بل يجب أن تمتص الكثير منها من عقول من أحاط بك تلكم الحقبة، وبما أني لم أولد تحت شجرة أو في قرية تحفها الحقول والطيور أو حتى في بيت دمشقي لا أتعثر إلا بجناح حمامة أو طرف وردة كما قال نزار، بل نشأت داخل جدران أسمنتية وغرف مغلقة، فأن استنطاق هذه الأسوار لن يكون عسيرا،الحديث مع الجدار الأسمنتي أسهل من الحديث مع شجرة في الهواء الطلق، فذاكرة الأشجار قصيرة تتنوع بتنوع الفصول الأربعة، بينما يتمتع الجدار الأسمنتي بذاكرة قصيرة وفصل واحد يعيشه طوال عمره وهو فصل رمادي اللون لا يتبدل ولا يتغير، ولأنه لا ينمو فأن الذكريات تنطبع عليه إلى الأبد، ويسهل أستنطاقها وإعادتها إلى الحياة بمجرد ملامسته ، لكن هذا لا يعنى أن الجدار بلا مشاعر بل يمتلك شعورا يفوق مشاعر العديد منا
8-
المصور الفرنسي الشهير روبرت دونو،وفتاة كاتبة على نهر السين بباريس سنة 1947م حاليا أشاهد نفس الفتيات لكن بأجهزة الايباد أقف ساعات على ضفاف النهر متسائلا!عن حجم الأحلام التى حملها عبر التأريخ،حجم الأسرارالتي قُذفت فيه،حجم الدموع التي بللته واختلطت به .. نهر السين له رونق مختلف عن كل أنهار العالم،نهر يصب في أوردة القلب،ويمخر عباب شرايينه،هذا النهر هو مرآة باريس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق